رمز الخبر: 66
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
نظرا إلى خطاب سماحة قائد الثورة يوم أمس حول ضرورة قراءة الشباب وثائق وكر التجسس الحاملة للعبر، نبذل سعيا في هذه المقالات لإلقاء نظرة على ذلك الجزء من تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية قبل انتصار الثورة الإسلامية العظيمة، مستخدمين نصوص وثائق وكر التجسس في هذا المجال، يبقى القول صحيحا ان جرائم أمريكا أكثر مما يمكن متابعتها في هذه الوثائق والقيام بإحصائها من هذا المنطلق تم الإرجاع في بعض الأحيان إلى الوثائق والمصادر الأخرى.
2015 November 06 - 10:13 : تأريخ النشر

الموقع التحليلي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ "بعد الشاه يحين دور أمريكا". عبارة ظهرت مرارا في الأيام الأخيرة القريبة من انتصار الثورة الإسلامية، على لسان الكثير من الناس، إذ انهم كانوا على معرفة بتاريخ أمريكا المليء بالجرائم والخيانات في إيران، و كانوا يعرفون بان الشاه يعقد آمالا على دعم أمريكا في قمع الشعب الإيراني.
لو قمتم بإلقاء نظرة وتصفح الصحف المنتشرة في السنتين بعد انتصار الثورة الإسلامية، لكنتم قد شاهدتم هذه العبارة كثيرا. منذ عام 1342 الذي بدا نضال الشعب الإيراني لمواجهة الاستبداد والاستعمار في آن واحد، ويمكن اعتبار خطبة أمام الشعب التاريخية ضد أمريكا وإسرائيل عام 1343، كشاهد لما فات ذكره، اتضح بان هذه الثورة وإذا ما انتصرت وحققت النجاح، فانها تسلب الراحة من أمريكا في المنطقة، وصدق المنجمون فحدث ما كانت أمريكا تخاف منه.
ان حدة الشعارات التي أطلقها الشعب الإيراني ضد الولايات المتحدة جعل سؤال يتبادر إلى الأذهان، مفاده لماذا وبأي سبب نفر الشعب من أمريكا بهذا الشكل وهل سيقل نفور الشعب وكرهه لأمريكا بعد انتصار الثورة، أم يزداد قوة وحدة؟ وإذا ما حدث وزاد قوة، فما السبب الكامن وراء هذا الأمر؟ وهل في يومنا هذا بقي سبب في الساحة للتقليل من حدة هذا النفور.
بعد استلام حكومة التدبير والأمل في صيف عام 1392 ظهرت ملامح آمال عند بعض التيارات السياسية، بان أمريكا تختلف عما كانت سابقا عليه، ويمكن من خلال انتهاج المفاوضات الإيجابية والبناءة وباتخاذ مقاربة إيجابية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية حلحلة كل القضايا العالقة بين الطرفين وإنهاء حالة العداء.
فمن دون ان ننوي الخوض في تقليل مكانة هذه الادعاءات نمد يد العون إلى تاريخ هذا المعلم الكبير للناس، كي يتضح معه بان هل الحكومة التي تحمل هذا التاريخ يمكنها وكما قال سماحة الإمام الخميني قدس سره، بان تتغير نحو الإيجابية (ان تصبح بشرا) حتى نعقد الآمال لإجراء حوار معها؟
نظرا إلى خطاب سماحة قائد الثورة يوم أمس حول ضرورة قراءة الشباب وثائق وكر التجسس الحاملة للعبر، نبذل سعيا في هذه المقالات لإلقاء نظرة على ذلك الجزء من تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية قبل انتصار الثورة الإسلامية العظيمة، مستخدمين نصوص وثائق وكر التجسس في هذا المجال، يبقى القول صحيحا ان جرائم أمريكا أكثر مما يمكن متابعتها في هذه الوثائق والقيام بإحصائها من هذا المنطلق تم الإرجاع في بعض الأحيان إلى الوثائق والمصادر الأخرى.
حرب أصبحت بداية لبناء العلاقات مع الشيطان
بدأت العلاقات الإيرانية الأمريكية في طابعها الرسمي قبل عام من وضع الحرب الكونية الثانية أوزارها، وقطعت عام 1359 على يد الرئيس الأمريكي آنذاك كارتر، ان قرار اعتبره الإمام قدس سره كقرار كارتر الصحيح والصائب.
منذ بداية بناء هذه العلاقة التي جاءت طعما في النفط وللحيلولة دون نفوذ الاتحاد السوفيتي في إيران، وكذلك طوال 34 عاما قامت أمريكا بارتكاب كل أنواع الجرائم على الشعب الإيراني ولم تضع حدا لها في هذا المسار، تجلى ذلك في إعداد حكومات معارضة للشعب وإبقاءها على رأس الأمور وسواء جاء ذلك الأمر في إعداد أعداء للوقوف بوجه الحكومات الشعبية وبذل المساعي للإطاحة بتلك الحكومات.
فيما يلي نشير إلى محاور عدم ثقة الشعب الإيراني بالولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الأمر حتى يومنا هذا، هادفين من وراء هذا إلقاء نظرة على هذا الموضوع متخذين مقاربة صحيحة في هذا المجال.
1- المساعي الأمريكية من عام 22 حتى 25 لبقاء حكومة بهلوي الثاني
ان العلاقات الإيرانية الأمريكية بدأت عام 1944 في مستوى تبادل السفراء بين البلدين، بعد هجوم الحلفاء على إيران، طلب رضا خان الدكتاتور آنذاك من أمريكا العون دون ان يعرف أو يريد ان يعرف بان أمريكا عضو في الحلفاء، وان علاقات السلطة قد ظهرت في الأفق منذ أمد طويل ويجب ان يتم احتلال إيران.
بعدما انتهت الحرب العالمية الثانية بكل مصائبها، بقت قوات الاتحاد السوفيتي في إيران، ولم تولي أهمية واكتراثا بطلب إيران للخروج من إيران بسرعة، في هذه الفترة هدد الرئيس الأمريكي آنذاك ترومن، بانه يعيد قواته إلى إيران، ولهذا اضطر الاتحاد السوفيتي بسحب جنوده من إيران خوفا من المواجهة العسكرية مع أمريكا، منذ ذلك الحين أصبح محمد رضا شاه يرى نفسه مدينا لأمريكا فتكونت علاقات بين الجانبين، بشكل نظامي، ان أمريكا في هذه الفترة ولبقاء مصالحها الحيوية في إيران، قام بتقوية البهلوي الثاني كي تهمين على المعارضة في الداخل، من جهة ومن جهة أخرى حتى تستطيع ان تقاوم في مواجهة أمواج عاتية وغازية مصدرها الاتحاد السوفيتي متجهة إلى إيران.
في هذه الفترة زادت وتيرة العلاقات التجارية بين أمريكا وإيران، وان الشاه الشاب كان بحاجة إلى الأسلحة الحديثة التي تنتج في أمريكا، وهذا الأمر كان طبيعيا لا غبار عليه.
في 30 خرداد عام 1326 تم التوقيع على معاهدة بيع الأسلحة إلى إيران، بمبلغ عشرة ملايين دولار، وكان سعره الحقيقي ما يقارب 70 مليون دولار. في 14 مهر صادق مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الأمريكية على قانون المساعدة للدفاع المشترك. ومنحت إيران مبلغ 27 مليون دولار كمساعدات عسكرية في 4 مرداد عام 1329 أضافت الكونغرس مادة مكملة على قانون الدفاع المشترك، وخرجت إيران من قائمة تضم كوريا الجنوبية وفيليبين ووضعتها في قائمة أخرى تضم تركيا ويونا، وخصصت مبلغ 131 مليون دولار مساعدات عسكرية للدول الثلاثة الانفة الذكر.
كان من الطبيعي بان تلك المساعدات لا تذهب إلى إيران دون ذريعة، وتلقائيا، وان الشاه الحديث العهد في الحكم على واستمرارا في الحكم ان يبدي الإطاعة والانصياع والامتثال كما يراد منه، في منطقة الشرق الأوسط المليئة بالفوضى والاضطرابات.
2- أمريكا والهيمنة على المصادر النفطية الإيرانية
جعل انتهاء الحرب الكونية الثانية النظام الدولي يتعرض إلى التغيير وينقلب رأسا على عقب فوجدت قوتان وهما أمريكا وبريطانيا يواجهان بعضهما البعض ويعيشان الصراع، مع هذا وبما ان أمريكا كانت تظهر كقوة في طور التقدم على الصعيد العالمي وكانت بريطانيا بصفتها إمبراطورية قوية تتجه نحو الانحطاط والأفول، يواجهان الاتحاد السوفيتي السابق والشيوعية، فكانت تربطهما مصالح مشتركة، من هنا نشب صراع بين الاثنين في بعض المناطق المهمة على الصعيد العالمي صراع كان عنيفا، ان أمريكا كان قد عقد العزم وجمعت قواها هذه المرة للهيمنة على مناطق النفوذ وتحديد سلطة بريطانيا.
في خضم تلك الصراعات كانت منطقة الخليج الفارسي وإيران تعتبر من أهم مجالات تنافس القوتين، فالولايات المتحدة بعد الحرب الكوني الثاني، كانت قد حصلت على فرصة جيدة للقضاء على غائلة أذربيجان في إيران، ومنذ ذلك الحين كانت تنوي توسيع نطاق نفوذها في إيران شيئا فشيئا.
ان الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الآونة على المستوى الدولي ومنطقة الخليج الفارسي قد جعلت بريطانيا تنسحب من مواقفها وبعد تنفيذ خطة ترومان وتنفيذ خطة مارشال كانت تريد ان توسع من نطاق نفوذها وتغلغلها على المستوى العالمي.
علينا ان نعرف ولا يجب ان يغيب عن بالنا بان تعاون الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وتنافسهما، في هذا المجال، كانا يشكلان وجهان لعملة واحدة، انتهى بتقسيم المصادر النفطية الإيرانية في نهاية المطاف. وان تعاونهما بعد الحرب الكوني الثاني قد بدا بالظهور واستمر على ارض الواقع خلال أزمة تأميم صناعة النفط. ان الأمريكيين وبذكاء واعتمادا على السلطة المتزايدة السياسية والاقتصادية استطاعوا ان يصبحوا شركاء بريطانيا في المصادر النفطية الأمريكية. ان رغبات الولايات المتحدة الأمريكية في إيران بعد الحرب الكونية الثانية فضلا عن النفط، كانت تتبلور في الحؤول دون نفوذ الشيوعية وفقا لأطروحة ترومان.
أما الوجه الثاني لقضية النفط الإيرانية هي الصفقات الكبيرة التي قامت بها الشاه مع أمريكا، وأشارت وثائق وكر التجسس إلى هذه القضية وتطرقت إليها.
وفقا لتقرير نشرته وثائق وكر التجسس جاء فيها: ان لجنة إيران والولايات المتحدة الأمريكية المشتركة عقدت لثالث مرة في طهران في فترة تقع بين 6-7 أغسطس عام 1976. والتقى هوشنك أنصاري وزير الشؤون الاقتصادية والمالية آنذاك بهنري كيسنجر الأمريكي وعقدا الاجتماع.
هذا المؤتمر أقيم في مدينة نوشهر الواقعة شمال إيران وحضرها الشاه وأرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي آنذاك.
صرح الوسيط في اللجنة في هذا الاجتماع بان العلاقات بين البلدين تتوسع نطاق وتتطور كما كان متوقع منها. في مارس عام 1975 حدد مبلغ قدره 15 بليون دولار (خارج التعاملات النفطية والرسمية) لفترة تصل 5 أعوام وان اللجنة وافقا على مبلغ 26 بليون دولار لفترة واقعة بين 1975 حتى عام 1980. كما وافقت على تعاون البلدين لتحقيق هدفهما المشترك. هذا وان تصدير النفط كان يتم دون النظر إلى التعاملات العسكرية والصفقات في هذا المجال. فلو أخذنا تلك القضايا اجمع بعين الاعتبار لرأينا بان حجم التجارة غير العسكرية بين البلدين يتجاوز مبلغ 40 بليون دولار طوال أعوام 1975 حتى 1980.
في تلك الوثيقة تمت الإشارة إلى حاجة إيران المتزايدة لاستيراد السلع الصناعية و كذلك تصدير النفط من قبل إيران.
نظرا إلى التقرير الوارد أعلاه الذي أشرنا إليه وهو يتطرق إلى جانب من جوانب العلاقات الاقتصادية بين إيران و الولايات المتحدة الأمريكية ويبين بوضوح لا غبار عليه عن سنوات من النهب والسلب في مجال القوات المادية الإيرانية، عندها يعد بالإمكان ان نعرف الكثير عن تلك الجوانب المظلمة، مع ان الحديث مطولا عن كيفية ذلك النهب والسلب، بحاجة إلى دراسات وأبحاث كثيرة وكاملة ووافية، لكن تلك العبارات لوحدها تكشف النقاب عن جرائم مازلنا بحاجة إلى معرفة جوانبها، إذا ما أردنا دراسة الأمور والتمحيص في جوانبها.
تؤكد وثيقة أخرى على هذه الأمور: ان الطرف الأمريكي في لجنة التجارة المشتركة بين إيران الولايات المتحدة الأمريكية أقيمت اجتماعا بين الطرفين في تاريخ 29 نوفمبر عام 1978 الموافق 8 آذر 1357 في مدينة واشنطن دي سي، ان هذا الاجتماع أقيم بمشاركة مندوبين لثلاثين شركة أمريكية لها علاقات وطيدة وحسنة وجيدة في المجال التجاري والاقتصادي مع إيران.
ان تلك الزيارات والاجتماعات المشتركة، كانت تهدف إلى دراسة ما يحدث في إيران من أحداث على سبيل المثال المظاهرات العارمة الشعبية والثورة بوجه نظام الشاه، ان أعضاء اللجنة كانوا يبحثون في ثنايا قضايا مثل الأجواء السائدة على إيران والمكانة الاقتصادية لأمريكا في إيران وتلك التأثيرات الناجمة عن القيام بأعمال في تلك ظل تلك الأجواء التجارية، كما كانوا يدرسون ويخوضون في مناقشة دور ما تقوم بها اللجنة واستمرار أعمالها في مجال العلاقات الثنائية الاقتصادية وما يجب ان يقومون به لتوطيد العلاقات الاقتصادية.
وكان أعضاء اللجنة في نهاية المطاف متفقين على ان المكانة الاقتصادية الراهنة، يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، ويجب الاكتراث بها والاهتمام بها، والسبب في وجوب هذا الأمر هو انها تبين انخفاض القوة الاقتصادية الملموسة في إيران. ان الجانب الأمريكي كان قد وافق بان عدم الاستقرار الذي يشهده المجال الاقتصادي في يومنا هذا ليس إلا مؤقتا وعابرا وان الشركات الأمريكية في إيران تدعم بقوة وبصرامة الأعمال التي تشهدها إيران بغية استتاب الأمن والهدوء وكذلك تلك الأنشطة إلى توفر الفرصة للنمو الاقتصادي والازدهار في هذا المجال. هذا وان تنفيذ تلك المعاهدات مع إيران في يومنا هذا لا مانع ولا رادع يقف بوجه.
وفقا لهذه الوثيقة: ان اللجنة تعلن عن دعمها وتأييدها وإسنادها لما تبذله الحكومة الإيرانية من مساعي جبارة بغية إحلال الاستقرار الاقتصادي وكذلك تلك الجهود التي تهدف ارتفاع مستوى الحياة عند الإيرانيين، ولا تتواني عن تقديم أي مساعدة لتحقيق وبلورة تلك الأهداف المهمة فانها تبذل كل ما بوسعها في هذا المجال.
علينا ان نعرف ولا يجب ان يغيب عن بالنا بان التقرير الصحفي قد كتب في فترة كانت إيران تشهد بلوغ الثورة أوجها وذروتها، ووفقا لهذه الوثيقة فان الولايات المتحدة الأمريكية كان تفكر بعد بلوغ الثورة ونضال الشعب الإيراني ذروته، في إنقاذ الشاه والاحتفاظ به، والبقاء على الاقتصاد الإيراني التابع على حال وقائما كي لا ينهار.
تفيد تلك الوثيقة بان 30 شركة أمريكية كانت تعقد اجتماعات فيما بينها وتتفاوض بغية عدم فقد هذا المجال الكبير والثري وأنها تعبر عن دعمها وإسنادها للشاه ونظامه الخائن بهدف الاستقرار الاقتصادي وتمهيد الأرضية للنهب على يد تلك الشركات الدولية التي لا تعمل سوى في مجال النهب والسلب.
3- انقلاب 28 مرداد العسكري عام 1332
هناك الكثير من الكتابات والأقوال ظهرت على الأرض فيما يتعلق بدراسة انقلاب 28 مرداد عام 1332 ودور أمريكا في هذا الانقلاب العسكري. قد أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية حكومة مصدق الوطنية التي كانت تعتمد على بريطانيا بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية حكومة مصدق الوطنية من خلال انقلاب عسكري ولصالح العميل الأكبر ومطيعها أي نظام الشاه حتى توفر مصالح أمريكا الحيوية في المنطقة أكثر من السابق، من جهة أخرى ان الحفاظ على الشاه لأمريكا كان يحمل مصالح حيوية ومصيرية أخرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، إلا وهي الرسالة التي كانت ترسلها إلى أتباع أمريكا الآخرين، وهي لا تقلقوا ان أمريكا تقف خلفكم وتدعمكم ولا تسمح بان يتحرك ساكنا ويحدث ما يؤدي إلى إسقاطكم من الحكم.
يكتب وليام بلوم في كتاب قمع الأمل: طوال 25 سنة كان الشاه الإيراني باعتباره أقرب حليف عند الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الثالث وعرف بهذه السمة وان تلك التبعية بلغت درجة لم ير الشاه بدا من وضع بلاده بيد المنظمات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية، في الواقع، وبلغ الأمر درجة استخدمته واستغلته كسلاح للحرب الباردة ومخالب موجهة نحو الاتحاد السوفيتي. بنيت محطات للسمع الإلكتريك والرادار في الحدود مع الاتحاد السوفيتي، كانت تستفيد الطائرات الأمريكية من إيران كقواعد تقلع منها بهدف رحلات استطلاعية على سماء الاتحاد السوفيتي وهناك الكثير من تلك الحالات. في أكتوبر عام 1955 أصبحت إيران عضوا في حلف بغداد، حلف أسسته الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الاتحاد السوفيتي والوقوف بوجهها.
بعد هذا الانقلاب العسكري الذي أطاح بمصدق قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم العون لتقوية الشاه والمساعدة على بقاء حكومة الشاه المعارضة للشعب وغير الشعبية، بان يتم تأسيس منظمة الأمن الإيراني الشهيرة بالسافاك الرهيبة والمخوفة.
يؤيد آخر سفراء الولايات المتحدة الأمريكية وليام سوليفان في إيران ما فاتت الإشارة إليه ويقول: أخبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) الشاه بمشروع وإطار تنظيم استخباري حديث وشاركت نفسها في تأسيسها وتنظيم إطاره ان هذه التنظيمات التي عرفت باسم تنظيم الاستخبارات وامن البلاد، وعرف فيما بعد بالاسم المخفف له إلا وهو السافاك.
ان العلاقة التي بنيت بين السافاك وكالة سي أي ايه وإتباع الأولى للثانية جاء على نحو كتب مجلة كورية دو بولي تيك انرانجر الفرنسية في هذا المجال: ان شرطة السافاك الخفية سابقا لم تعمل في داخل إيران بل في كل الدول الأجنبية وفي المرحلة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية وتعمل على نطاق واسع، وأنها تتمتع بدعم كامل للجان أمريكا الخاصة، منذ تأسيس السافاك الذي اشتهر بأعمال سيئة، وإجرامية بان المنظمة السياسية الأمريكية قد قامت بتربية عملاءها وإعداد لجانها. فيما بعد كان المستشارون في منظمة سي أي ايه في إيران يقومون بالإشراف مباشرة على أنشطة السافاك، قبل فترة من سقوط الشاه هذا واعترفت وزارة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية قبل سقوط الشاه، بانه في نهاية العام الماضي كان يعمل 164 عميل للسافاك في معهد المنظمة في ولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية وكان تخرج سنويا 400 عميل من السافاك من الولايات المتحدة الأمريكية.
ان سي أي ايه كانت تعمل بحرية في إيران ولا تجد قيود وعراقيل بوجهها حتى نهاية عهد البهلوي هذا وكانت تنتهك قوانين البلاد في بعض الأحيان، وحتى كان الشاه الإيراني يلتقي كل أسبوع مرة واحدة مع مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) وبالتحديد في الساعة التاسعة صباحا يوم الاثنين. في تلك الاجتماعات كان يتحدث الجانبان حول أهم القضايا المهمة وكان مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) العقيد ياتسونج يقدم توصياته ومقترحاته إلى الشاه.
ان أهم الأسباب الكامنة وراء نشاط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) وتواجدها في إيران هو التنافس الاستخباري والأمني في مجال المعلومات مع الاتحاد السوفيتي وجهازها الأمني. ان الحدود الشمالية لإيران كانت توفر المكانة المناسبة والملائمة للعمل التجسسي لمواجهة الاتحاد السوفيتي، لهذا السبب قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) بوضع وتدشين أجهزة كبيرة وحديثة في مجال التجسس والمعلومات وأجهزة التصنت في مناطق من شمال إيران، وكان أهم يقع في مدن صفي آباد في مدينة بهشهر وكبكان في مدينة خراسان وبارس آباد في مدينة مغان، فضلا عن هذا وفي المدن الجنوبية مثل جابهار وبندر عباس كانت قد وضعت أجهزة تصنت وتجسس.
بعيدا ان ما أثير حول إنشاء جهاز تجسس واسع النطاق وكذلك امني وبغض الطرف عنه الذي كان يهدف إلى تنافس الولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد السوفيتي في عالم يسوده تنافس القطبين في تلك الفترة والى جانب القمع الشديد للشعب الإيراني كانت تزداد الفجوة بين إيران و الولايات المتحدة الأمريكية في مجال بناء الثقة، كان الناس والشعب يتساءلون لماذا أمريكا تقوم بمنح الرخصة ولتأسيس نظام معارض للشعب وتصدر الإذن لبقاء نظام غير شعبي ، نظام كان يعيد إلى الأذهان منظمات تأسست في القرون الوسطى والتعذيب الذي كان يتم في تلك الآونة ويحصد أرواح الناس.
أشارت وثائق وكر التجسس إلى تلك القضية التي تحدثنا عنها سابقا بصراحة وقالت بان الولايات المتحدة الأمريكية وفي مواجهة تهديدات تهدد إيران في الجانب الأمني وتقصد الشاه بطبيعة الحال، تحمل مسئولية بان يقسم المسئولون في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) الذين كانوا يعملون في ظاهر الأمر في السفارة الأمريكية في طهران بان يقسم تلك التهديدات إلى مجالين الداخلي والخارجي وأما المجال الداخلي فكان على حسب رؤيتهم "تلك الأعمال الفوضوية التي كانت تتم على يد العوامل الإرهابية أو الأعمال الفوضوية ذات الطابع القبلي".
ان المسئول في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) الذي كان يعمل في السفارة الأمريكية يكتب في تحليل تلك الأحداث وتفسيره لها: ان القوات المسلحة الإيرانية كانت قادرة على إحلال الأمن الداخلي ولكنها لم يعد بإمكانها في ظل تلك الظروف القيام بشيء ما عدى الفوضى الشاملة التي تعم البلاد.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق